علم نفس الحجامة: الحجامة والامل. الحلقة الثانية
Cupping Therapy Psychology: Hope
د/ أحمد
حلمي صالح
منذ
فترة وانا اضع قراءة لبعض المواقف النفسية التي تحدث أثناء مراحل العلاج. وقد عنونت
ذلك: " بعلم نفس الحجامة "
إن المواقف النفسية للمريض والمعالج في
مسيرة العلاج كثيرة التشابه، ويتحكم في هذه المواقف العديد من المؤشرات والعناصر
التي يتعرض لها الفرد بسماته الشخصية ومستواه الثقافي. والبيئة الاجتماعية المحيطة
سواء كانت مشجعة أو مثبطة.
الامل
شيء رائع يغير كثير من الاحوال، وفقده ايضا يجعل الامور تسوء، لهذا حثنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم ان يكون لنا طريقاً وسلوكاً، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهم
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ، فَنَفِّسُوا لَهُ فِي الأَجَلِ،
فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَرُدُّ شَيْئًا, وَهُوَ يَطِيبُ بِنَفْسِ الْمَرِيضِ))، وللاسف فإن البعض يتعامل بصورة فظة مع المرضي فيفقده الامل الذي
يقتل فيه قدراته الداخلية التي تجعله يصمد حتي تحقق الشفاء فينهار.
ولعلك تري مريض
بالسكر أو فيروس سي في كامل الصحة والعافية وهم غير مدركين بمرضهم، فإذا ذهب
للطبيب وأخبره بانه مصاب بهذا المرض أو ذاك تراه تغير شكله تمام في ساعات وأصبح به
من الوهن ما به، رغم انه قبل الكشف كان ظاهر الصحة والعافية، إنها الحالة النفسية
يا سادة انه فقد الامل، انه الاحباط.
وفي التجربة التالية
تكشف قدرات الكائن الحي مع الأمل أو بدونه فقد قام أستاذ جامعة اسمه Curt Richter في الخمسينات
كان يعمل تجارب نفسية على الفئران، واحدة من تجاربه كانت إحضار مجموعة من الفئران ووضع
كل منها في إناء زجاجي كبير ممتلئ لمنتصفه بالماء، الإناء زجاجي وكبير حتى لا يستطيع
الفأر التعلق بمخالبه أو القفز خارج الإناء. ريتشر كان يحسب الوقت الذي سيستمر فيه
كل فأر في السباحة ومحاولة الخروج قبل الاستسلام للغرق، طبعاً كان هناك اختلاف بين
كل فأر وآخر، لكن في المتوسط كان الفأر يحاول لمدة 15 دقيقة تقريباً ثم يستسلم للغرق.
قام
ريتشر بإعادة التجربة لكن مع بعض التغيير. عندما يرى الفأر في لحظاته الأخيرة وأنه
على وشك الاستسلام كان يقوم بإخراجه من الإناء وتجفيفه ويتركه يستريح لبعض الوقت، ثم
يضعه مرة أخرى في الإناء!، فعل ذلك مع كل الفئران ثم أخذ يحسب متوسط الوقت في المرة
الثانية للفئران. تذكر أن المتوسط الأول كان 15 دقيقة تقريباً.
كم تتوقع
أن يكون متوسط الوقت في المحاولة الثانية؟
أكثر
من 60 ساعة!! ساعة وليس دقيقة! هناك فأر استمر لمدة 81 ساعة تقريباً.
تحليل
التجربة هي أن الفئران في المحاولة الأولى فقدت الأمل بسرعة بعد أن تأكدت أنه لا سبيل
للخروج، في حين في المرة الثانية كان لديهم خبرة سابقة بأنه هناك أمل وأنه في أي لحظة
قد تمتد لهم يد العون لتنقذهم لذا استمروا أكثر في انتظار تحسن الظروف.
هذه
القصة تتكرر في كتب الـ Positive Psychology كثيراً كدليل على أهمية "الأمل والتفاؤل".
ننظر
هنا إلى مدى ارتباط القدرة الجسدية بالحالة النفسية، الأمر خطير فعلاً، قد ينام أحدهم
عدد ساعات كافي من النوم ومع ذلك لا يريد الاستيقاظ للذهاب للعمل ويشعر أنه ليس لديه
طاقة لذلك! في حين أن بعضهم قد ينام ساعة واحدة
ثم يقفز من سريره بسرعة للتحضير لرحلة ممتعة مع أصدقائه!
قد تجلس
أمام الجهاز تظن أنه ليس لديك قدرة على العمل وليس لديك ما يكفي من الطاقة، في حين
أن الحقيقة أنك لديك ما يكفي ويزيد لكنك فقط ليس لديك رغبة في العمل على ما هو مطلوب
منك في تلك اللحظة، فملحوظ جداً كيف أن معظم البشر يستطيعون بذل مزيد من الجهد عندما
يجدون التشجيع، ويتوقفون عن العمل عندما لا يجدون التقدير الكافي. وهذا أمر خطير جداً، فذهنك يفرض قيود على قدرات جسدك، أو على الأقل يوهمك
بوجودها!
وهناك
مقولة منسوبة لابن القيم رحمه الله: الحُزن
يُضعفُ القَلب، ويُوهنُ العزم، ويضر الإرَادَة، ولا شَيء أحبُ إلى الشّيطان من حُزن
المُؤمن.
لذا فرجوا عن الناس،
نفسوا لهم في الاجل، بشروهم، اسعدوهم، كل مرض له شفاء الا الموت، فثقوا في الله
وبشروا بالخير.